لماذا لا يزداد عدد عملات البتكوين بل تزداد قيمتها فقط؟

لماذا لا يزداد عدد عملات البتكوين بل تزداد قيمتها فقط؟

 


للعملات الرقمية تاريخ قديم يعود إلى عام 1993م والتي تم اختراعها على يد عالم الرياضيات الأمريكي "ديفيد تشوم"، وهي عملات معتمدة على التشفير الإلكتروني بشكل كلي أي أنك لا تستطيع إمساكها بيدك أو الاحتفاظ بها في المنزل، ولكن في عام 2009م قام بعض الأشخاص تحت مسمى "ساتوشي ناكاموتو" باختراع عملة تعد من أعظم اختراعات هذا القرن إن لم تكن أعظمها ، وهذه العملة تدعى البتكوين.
ولكن ما الذي يميزها عن باقي العملات! ولماذا هي الوجهة الأولى للعدالة الاقتصادية في العالم؟ إليك المقال التالي:

• البتكوين

إن ما يميز  عملة البتكوين المشفرة هو وجودها ضمن نظام نقل مالي متطور جداً، حيث أنه لايوجد بنك متحكم ولا يوجد مركز أو جهة مالكة لشبكة البتكوين، وللمزيد من الدقة والشرح عن هذه الشبكة نعود لأول خاصية في نظام شبكة البتكوين، وهي خاصية حفظ المعلومات على أكثر من جهاز والتأكد من صحة هذه المعلومات بواسطة حواسيب متطورة جداً، لذلك لا يمكن التلاعب أو نسخ شيفرات البتكوين وإعادة إرسالها بشكل مزور.


• إن قيمة عملات البتكوين وحدها التي تزيد وليس عددها

إلى تاريخ اليوم هناك أكثر من 18 مليون عملة بتكوين قيد الاستخدام على سطح هذا الكوكب، ولزيادة عدد هذه العملات هناك طريقة واحدة متناهية التنظيم والدقة تم تحديدها من قبل الجهة التي اخترعت البتكوين(ساتوشي ناكاموتو)، وهذه الطريقة يطلق عليها التعدين(mining)، وهذه الطريقة تعتمد على شبكة نقل العملات بين الأشخاص تدعى سلسلة الكتل(blockchain)، أي أن كل عملية نقل للبتكوين بين الأشخاص يتم أرشفتها في سجل مفتوح يمكن لأي شخص الدخول إليه ورؤية عمليات النقل، ويتم الاحتفاظ بنسخ عن هذه العمليات في حواسيب ضخمة حول العالم.

عندما ينقل أحد ما عملة بتكوين لشخص أخر يتم الاحتفاظ بنسخة عن هذه العملية في كتلة ضمن سلسلة الكتل، ويمكن لأي شخص في العالم الاحتفاظ بنسخة على الكتل التي يتم فيها حفظ عمليات نقل البتكوين، ولكن من المستحيل اختراق أو تحريف بيانات أي عملية تم إضافتها إلى سلسلة الكتل، وذلك لأنه هناك نسخة أصلية محفوظة على عدد من الحواسيب المنتشرة حول العالم.

يتم التأكد من صحة عمليات النقل قبل الاحتفاظ بها في أحد الكتل بواسطة شركات التعدين، وهذه الشركات تقوم بالتعدين عن طريق حواسيب ضخمة تستهلك طاقة هائلة لتعمل، والمنافسات بين المعدنين محتدمة جداً وذلك لأن الشخص الذي يتأكد من صحة معلومة أولاً ويقوم بإضافتها إلى أحد الكتل ومن ثم توزيعها على الحواسيب الأخرى وبهذا يتم الاحتفاظ بنسخة كاملة من الكتل في جميع حواسيب التعدين، ويتم هذا التعدين من خلال التأكد من ملكية الشخص لهذه العملة لأنه ببساطة يمكن للشخص أن ينسخ الكود المشفر الذي يمثل عملة البتكوين وإرساله إلى أكثر من جهة في نفس الوقت، ولكن وجود هذه الحواسيب يمنع التلاعب والاختراق عن طريق معادلات رياضية معقدة ويحتفظ بنسخ عن هذه العمليات المؤكدة في كتل ضمن العديد من الأجهزة.
إن الشخص الذي يضم عملية النقل إلى أحد الكتل ويتأكد من صحتها يحصل على ما يسمى "مكافئة الكتلة" وهذه المكافأة عبارة عن استخراج عدد من عملات البتكوين الجديدة، ولذلك قد يتسائل أحدهم ...

هل يمكن الاستمرار باستخراج عملات البتكوين للأبد؟

في الواقع لا يمكن استخراج البتكوين إلى ما لا نهاية بل هناك حد معين ومحدد بواسطة بروتوكول وضعه ساتوشي ناكاموتو، حيث أن العدد الكامل لعملات البكوين هو 21 مليون عملة بتكوين وهذا البرتوكول يحافظ على ندرة العملة ويحميها من التضخم وانخفاض القيمة، فكما نعلم جميعاً أن زيادة المعروض من أي سلعة يخفض قيمتها، والأمر نفسه ينطبق على العملات فكلما زادت البنوك من طباعة النقود انخفضت قيمة هذه النقود، ولكن بما يتعلق بالبتكوين فالأمر مختلف حيث أن هناك عدد محدود في العالم ولا يمكن الزيادة عليه مطلقاً.

• استخراج البتكوين

إن المكافآت الصادرة عن تعدين الكتل ليست ثابتة، أي أنها تتغير كلما زاد التعدين، ولذلك فإن قيمة المكافأة تنخفض للنصف كل 210 ألف عملية تعدين، وإذا عدنا للتاريخ لل 2009م فسوف نجد أن أول مكافأة تعدين بتكوين كانت تقدر ب 50 بتكوين والثانية أيضاً كانت 50 بتكوين والثالثة والرابعة وهكذا حتى الوصول إلى رقم 210 ألف عملية تعدين، هنا انخفضت قيمة المكافأة إلى النصف كما قلنا سابقاً وأصبحت 25 بتكوين لكل كتلة يتم تعدينها، واستمرت قيمة هذه المكافأة بالنقصان كلما زادت عمليات التعدين، فعندما وصلت عمليات التعدين إلى 420 ألف عملية تعدين، أصبحت قيمة المكافأة 12,5 بتكوين، وفي عام 2020م وصل عدد عمليات التعدين إلى 630 ألف عملية، وحسب البروتوكول انخفضت قيمة المكافأة إلى النصف وأصبحت 6,25 بتكوين لكل عملية ضم كتلة لسلسلة الكتل(أي لكل عملية التعدين)، واستمرت على هذه الحال إلى يومنا هذا، ومن المتوقع أن تنخفض للنصف أيضاً في سنة 2024م، وذلك لأن عملية التعدين مستمرة الأن وهناك حواسيب منتشرة فيك كل العالم تضم كتلة لسلسلة الكتل كل 10 دقائق تقريباً.

في عام 2140م سوف يتم تعدين أخر عملة بتكوين وتصبح ال 21 مليون عملة بتكوين مستخرجة ومتداولة إلكترونياً وبالتالي انتهاء عمليات التعدين والتأكد من صحة العمليات وذلك لعدم وجود تحفيزات لعمال المناجم ، وإلى الأن لا نعلم ما المقابل الذي سوف يُدفع لعمال المناجم والمعدنين الذين يتأكدون من صحة عمليات النقل، ولكن هناك احتمال بأن يكون المقابل هو رسوم يدفعه الأشخاص الذين يقومون بعمليات النقل.

• من هم الأشخاص الذين يقومون بالتعدين وما الفائدة من التعدين عندما ينتهي مخزون البتكوين؟

إن التعدين يتم بواسطة أماكن تدعى "مناجم التعدين" ويعمل بها "عمال التعدين" وتحوي هذه المناجم على حواسيب عملاقة تتأكد من صحة نقل العملات بين الأشخاص ومن ملكية الأشخاص لهذه العملات، وبعد التأكد من صحة المعلومات وإضافتها إلى سجل يدعى سلسلة الكتل يحصل عامل التعدين على جائزة قدرها 6,25 عملة بتكوين وتنتشر هذه المناجم على مستوى العالم، حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى عالمياً وفي المرتبة الثانية تأتي كازخستان.
إن تعدين البتكوين يحتاج إلى حواسيب عملاقة ومتطورة لحل ملايين العمليات الحسابية ولربح عدد أكبر من عملات البتكوين بالمقارنة مع المناجم الأخرى، ولتحقيق هذه العملية نحتاج إلى طاقة كهربائية ضخمة جداً، وحسب الإحصائيات فإن عمليات التعدين تستهلك ما يقارب ال 116 تريليون واط في السنة الواحدة، أي أننا نتكلم عن نصف إجمالي الكهرباء في العالم.

يبدو أن العملات الرقمية وتحديداً البتكوين أصبحت واقعاً وجزء لا يتجزأ من النظام المالي العالمي، وأن البنوك المركزية تتجه لاستخدام البتكوين وضمه إلى نظامها، لأنه أثبت وجوده وأصبح من المستحيل تهميشه أو تحييد وجوده.



أرشيف المدونة

إتصل بنا

إرسال