الأماكن السعيدة قد تكون حزينة أحياناً ... أسرار الإنستغرام
نعيش في زمن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وفي وقت لم يعد فيه للخصوصية أي وجود، فتجد جميع الأشخاص يقضون ساعات طويلة في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، ويشاركون تفاصيل يومهم على هذه المواقع، حتى أنهم يرفقون معها الصور والفيديوهات وموقع الأماكن التي يسكنون بها، وبعد أن تشاهد كل هذه الصور والابتسامات والضحكات والرفاهية والسعادة، تقول في نفسك كم هم سعداء! فهل حقاً يعيش الأشخاص بهذا الكم من السعادة والاستقرار والحب؟ أم أن هناك شيء لا نعلمه! وما الثمن الذي يدفعونه؟ إليك المقال التالي:
• الحياة على الانستغرام
يُعرف الانستغرام بالتطبيق الأكثر سعادة من بين تطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى، وأكثرها بهجة وسرور وحتى أكثرها صوراً، وذلك لأن التطبيق يسمح بمشاركة الصور ومقاطع الفيديو فقط، لذا لن ينشر أحد صوراً له وهو حزين أو متشائم، وسوف يقتصر نوع الصور الذي يشاركه على الأيام السعيدة والمناسبات الكبيرة مثل حفلات الزفاف وأيام عيد الأم وأعياد الميلاد، ولن يحاول أحد نشر صورة له وهو حزين أو في ذكرى حزينة لأن الناس سوف تتحدث عن هذا الشخص بصورة غير لائقة وتظن أن هذا الشخص يحاول كسب التعاطف، ولهذا فإن تطبيق الإنستغرام محمي بشكل كبير من أي شكل من أشكال الحزن.• المفارقة
في دراسة تم إجرائها من قبل الجمعية الملكية للصحة العامة "RSPH" وجدوا أن مستخدمي الإنستغرام هم الأكثر تعاسة من بين مستخدمي المواقع الأخرى، وهنا تكمن المفاجأة. كيف يمكن أن يشعر ٦٣٪ من مستخدمي تطبيق الإنستغرام التطبيق الأكثر سعادة وبهجة بمشاعر سلبية مليئة بالحزن والتعاسة؟بالرغم من أن محتوى الإنسغرام سعيد للغاية إلا أن مستخدميه أقل سعادة من مستخدمي التطبيقات الأخرى، ويعود السبب إلى أن البشر كائنات اجتماعية وسعادتهم تتحدد بالأشخاص المحيطين بهم، فعند تصفح الإنستغرام سوف تشاهد صوراً مليئة بالسعادة والبهجة مثل الحفلات وأعياد الميلاد والمنتجعات السياحية والفنادق والنوادي الرياضية، ولن تلاحظ أن التأثيرات التي تدعى" الفلاتر" تجعل الصور أكثر جمالاً وإشراقاً وليست واقعية على الإطلاق، وهنا تبدأ مشاعر الحزن بالسيطرة عليك لأنك ترى أن حياتهم أكثر سعادة من حياتك، وأنه يجب أن تستمتع أكثر في حياتك وأن تعيش بمستوى أفضل، وهذا الذي يفسر عدم سعادة أغلب الناس في الإنستغرام.
ومن الجدير بالذكر أن الصور لا تعكس الواقع، أي أن الصورة المليئة بالابتسامات على شاطئ البحر، ليست سعيدة بالكم الذي تتصوره، غير أنها حتى لو كانت سعيدة إلى هذه الدرجة، فهذه اللحظات لا تمثل الحياة بشكل كامل، أي أن مرور بعض اللحظات السعيدة التي يشاركها الناس على إنستغرام لاينفي وجود حزن مخفي.
• لماذا نستخدم مواقع التواصل؟
حسب الدراسة السابقة فإن الأشخاص الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لمدة تزيد عن ساعتين هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وعرضة للإصابة بالقلق حيث أن استخدام الهاتف في وقت متأخر من الليل قد يصيبك بمشاكل في النوم، بالإضافة إلى أن عدم الرضى عن شكل الجسد له علاقة بعدد الساعات التي تستخد بها مواقع التواصل حيث أن ٩٠٪ من الفتيات غير راضيين على أشكال أجسادهم، ومن السهل أيضاً أن تشتم شخصاً ما على الانترنت وأن يشتمك أيضاً ولكن هناك مشاكل نفسية كبيرة جداً تترتب على هذا الأمر.في مقابلة تم إجراؤها مع أحد المدراء في شركة فيسبوك، تحدث عن محاولاته في تخفيف الساعات التي يقضيها على مواقع التواصل، وشبه استخدام الأشخاص لمواقع التواصل بالإدمان، وشبه استخدام "زر الإعجاب" بالمتعة الزائفة، حيث أن زر الإعجاب تم إضافته إلى الفيسبوك في عام 2009م وبعدها تم إضافة باقي أزرار التفاعل في عام 2016م، ولكن إضافة هذا الزر سبب ضجة كبيرة ونجاح كبير، لأنه ببساطة عندما يضع شخص ما إعجاباً على صورة، سوف يظهر له صور مشابهة كثيرة وبالتالي يقضي وقتاً أطول على هذا الموقع، غير أن عدد الإعجابات والتفاعلات يحفز على مواصلة المشاركة والنشر وبالتالي ساعات أطول من الاستخدام، وهذه الطريقة المتبعة من قبل العديد من المواقع مثل كورسيرا وإنستغرام وتويتر.
لا يقتصر الأمر على زر الإعجاب للبقاء على مواقع التواصل لفترات أطول بل هناك طرقاً أخرى تلعب دوراً هاماً ببقائك على مواقع التواصل، مثل اختيار لون الإشعار، فعندما يكون الإشعار باللون الأحمر سوف تزداد فرصة أن تفتح التطبيق وترى محتوى الإشعار، لهذا السبب تستخدم معظم الشركات اللون الأحمر في الإشعارات.
• أهمية مواقع التواصل
لا يمكن إنكار أهمية هذه المواقع أو وصفها بطريقة غير لائقة لأنها تمتلك الكثير من الإيجابيات التي جعلت من حياتنا أسهل وأكثر تسلية، فالتصفح يساعدك على متابعة أخبار الأشخاص المقربين منك وأن تبقى على دراية بجميع الظروف التي يمرون بها والتطورات التي تطرأ على حياتهم، غير أن خاصية البحث عن المعلومات قد فتحت آفاقاً من المعرفة والعلم مثل محرك البحث "google" وفي حال كان الوقت الذي تستخدم فيه مواقع التواصل مدروساً سوف تتجنب أي أثار سلبية تنتج عن مواقع التواصل.• كيف تتجنب الآثار السلبية لمواقع التواصل
في الدراسة نفسها التي أثبتت أن ٦٣ ٪ من مستخدمي الإنستغرام يعانون من الحزن عند تواجدهم بالموقع، كان هناك بالمقابل ٣٧٪ أعربوا عن سعادتهم بتواجدهم في هذا الموقع، وعند البحث عن السبب تبين أنهم يستخدمون الموقع لمدة لاتتجاوز النصف ساعة يومياً، وهذه الطريقة أثبتت فعاليتها، ويمكنك أيضاً تطبيق هذه الطريقة وذلك بتخفيف المدة التي تتصفح بها المواقع تدريجياً إلى أن تصل إلى المدة المناسبة والآمنة، ويجب أن تحدد الزمن الذي تمضيه على الإنترنت بهدف التسلية، وذلك لتكون على دراية بالوقت الذي تهدره.حاول أن تحدد التطبيق الذي يستهلك أكبر مدة من وقتك وأن تتعامل معه، وذلك إما بتقليل المدة التي تقضيها أو استبداله يتطبيق تستطيع السيطرة على وقتك المخصص له، ويجب أن تعلم أن المخاطر تختلف من موقع إلى أخر حيث أن الدراسات الحديثة أثبتت أن اليوتيوب هو الموقع الأكثر أماناً وأقل ضرراً من المواقع الأخرى ويليه التويتر ومن ثم الفيسبوك، بالمقابل كان لإنستغرام الحصة الأكبر بالآثار السلبية ونال المركز الأخير.