تعرف على الدماغ البشري ... الشيء الأكثر تعقيداً على الإطلاق

تعرف على الدماغ البشري ... الشيء الأكثر تعقيداً على الإطلاق

 

إن الدماغ البشري أكثر تعقيداً مما تتخيل، وهو أكثر الأعضاء قوة واستهلاكاً للطاقة حيث أنه يتكون من 86 مليار خلية عصبية وكل خلية عصبية يمكن أن ترتبط ب 8000 خلية عصبية أخرى، ويمثل مركز الأفكار والمشاعر والأحاسيس، ويعطي الأوامر للأعضاء الأخرى ويتحكم بها، ولكن ماهي الأمور التي لا نعرفها عن هذا الدماغ؟ لماذا ننام ونحلم ونتصرف تصرفات غير منطقية، ونملك وعياً في بعض الأحيان وفي الأحيان الأخرى يتصرف من تلقاء نفسه؟ وهل نستطيع التحكم به وإجباره على أن يتصرف كما نريد نحن؟ أم أنه أقوى من السيطرة عليه! إليك المقال التالي:



• الدماغ وقدرته الفائقة

يتكون الدماغ من خلايا عصبية مترتبة بأماكنها الخاصة وترتبط هذا الخلايا بين بعضها البعض لتتفاعل في ما بينها وتعطي الاستجابة، إن للدماغ البشري قدرة فائقة على تحليل المعلومات وتخزينها وهو أفضل من أي جهاز كومبيوتر صنعته البشرية، وقد تغلب في عام ٢٠١٤ على حاسوب مصنوع من ما يقارب الثمانين ألف معالج ويستهلك طاقة كهربائية تكفي لتشغيل مدينة متوسطة، حيث أن هذا الكومبيوتر استغرق حوالي ٤٠ دقيقة لمحاكاة ١٪ من الدماغ فقط، وفي الوقت الحالي تم اختراع أجهزة كومبيوتر أكثر تطوراً، ومع ذلك لم تستطع مجاراة الدماغ البشري، ويمتلك الدماغ سعة تخزين عملاقة يمكن أن تعادل رقمياً ١ بيتابايت وهذه السعة تعادل 80 مليون درج مليء بمعلومات مدونة على أوراق.

لا يلعب حجم الدماغ دوراً مهماً في نسبة تطور هذا الدماغ، حيث أن نصف دماغ يكفي ليعيش به الأنسان، ويمكن للأطفال أن يتكيفوا مع استئصال جزء من الدماغ بسهولة، وعلى العكس فإنه يترتب على البالغين نتائج سلبية أكبر في حالة استئصال جزء من الدماغ.

• السيطرة على الدماغ

تعيش الطفيليات في أجساد الكائنات الحية وتتغذى على طاقة هذه الكائنات، وهناك نوع من الطفيليات يسيطر على الكائن المضيف بعملية تسمى "الإخصاء الطفيلي" فيصبح الكائن المضيف غير قادر على تنفيذ رغباته الخاصة لأنه سوف يستهلك طاقة، والطفيلي لن يسمح بذلك لأنه يحتاج تلك الطاقة، ويمكن للطفيلي أن ينهي حياة الكائن المضيف في حال لم يعد يحتاج إلى طاقته أو في حال أراد الانتقال إلى كائن أخر كما يحدث عند طفيلي ال "toxoplasma Gondii" الذي يعيش داخل القطط ويضع بيوضه في براز القطط ولكي تنتقل البيوض مرة أخرى إلى داخل القطط، يأتي الفأر ويأكل براز القطط ويصاب بالطفيلي ويسيطر هذا الطفيلي على دماغ الفأر ليجعله أكثر شجاعة ولا يخاف من القطط أو يهرب منها، فتأكله القطة وتعود الطفيليات إلى القطط مرة أخرى.

أما بالنسبة للدماغ البشري فقد تم اختراع جهاز يسمى Transcranial magnetic stimulation ويعمل هذا الجهاز على خلق تغيرات في المجال المغناطيسي الذي يؤثر على كهرباء المخ فيوقف عمل بعض المناطق في المخ مؤقتاً، وهذا ما يجعل الإنسان يغير من تصرفاته حسب منطقة المخ التي تم إيقافها.

وفي الوقت الحالي تم معرفة آلية عمل الخلية العصبية والتحكم بها من خلال الضوء، وأجريت العديد من التجارب على مخ الفئران، وخلال هذه التجربة تم التحكم بدماغ الفئران وجعل الفأر  بحالة جوع شديدة وإجباره على أن يأكل رغم أنه لم يكن جائع، وأيضاً يمكن جعل الفأر أكثر عدائية تجاه الكائنات الأخرى، وحتى يمكن التحكم بحركته وجعله يركض بشكل دائري.

• برمجة الدماغ واللاوعي

يتحكم دماغك بحياتك بشكل كامل ويؤثر على مصيرك، فهو صديقك وعدوك، ولكن عمله لا يأتي من فراغ، فهو يحاول حمايتك بشكل دائم، وهدفه الحفاظ على مستوى مستقر من المشاعر، لذلك تجده يعشق الرتابة والتكرار ويقدس الملل، يحب أن يحفظ أنماط ثابتة لسلوكك ويعمل على تكراراها ثم يحولها إلى روتين إلى أن تصبح عادات وتنتقل إلى اللاوعي، فتجده ينفذ هذه الأفعال بشكل تلقائي دون استهلاك طاقة لأنه بشكل عام يستهلك ٢٠٪ من طاقة الجسد كاملة، لذلك في حال حدث أي تغيرات في حياتك سيقابلها دماغك بالتصدي والدفاع ويدخلك في حالة ضغط نفسي وجسدي استعداداً للتغيرات الجديدة.

وهذا الضغط النفسي سيؤثر بشكل مباشر على النواقل العصبية في دماغك وفي جسدك، لذلك بمجرد حدوث تغيرات في اللاوعي ستبدأ بالشعور بالألم وضعف التركيز وعدم استقرار في المشاعر لأن هذه الأمور تتحكم بها النواقل العصبية، ولا ينتهي الأمر هنا فيمكن أن يتطور ليصبح إرهاق عام واضطراب في النوم وضعف في المناعة.

• النوم

بعد يوم مرهق مليء بالأحداث المهمة والغير مهمة، والنشاطات الكثيرة والضغوط النفسية والعمل والمسؤوليات، تتجه أخيراً إلى سريرك كي تنام، ولكن تبدأ الأفكار بضرب رأسك وتثير الشكوك لديك بسؤال كبير جداً، لماذا ننام؟
هناك تفسيرات تقول أن النوم هو سلوك اخترعته البشر لكيف تمنع الحركة في الليل وتحمي نفسها من المخاطر المتمثلة بالمفترسات، ومن الفرضيات التي تؤكد هذا التفسير أن البشر ليسوا وحدهم الذين ينامون في الليل، فغالباً جميع الثديات والطيور تنام في نسب مختلفة، وحتى الزواحف والأسماك والبرمائيات تنام أو تمارس سلوك مشابه لسلوك النوم.

أما عن النظرية الثانية التي تعرف ب "مرونة المخ" وهذه النظرية تقول بأن الدماغ يحتاج إلى أن يعيد ترتيب نفسه بعملية أرشفة للمعلومات التي استقبلها خلال يومه، فالنوم لا يساعدك بتذكر الأمور المهمة فقط بل يساعدك أيضاً على نسيان الأمور الغير مهمة، فتجد الشخص الذي لا ينام بشكل كافي يعاني من صعوبة في التعلم وهو من أهم المهارات البشرية، وكل ما تزداد فترة حرمانهم من النوم كل ما قلت قدرتهم على التركيز والوعي والتذكر، لذلك فإن السهر في اليوم الذي يسبق الأمتحان ليس فكرة جيدة إطلاقاً لأن الدماغ لم يأخذ الوقت الكافي ليتذكر هذه المعلومات والاحتفاظ بها.

هناك مقولة تقول أنه إذا كان الدماغ بسيط جداً، سوف نكون بسطاء على أن نفهمه، وإلى الأن لم يستطع العلماء فهم الدماغ البشري بشكل كامل، واقتصرت العلوم على اكتشاف الخلية العصبية والآلية الكهربائية التي تعمل بها، ولكن ماذا يمكن أن يحدث إذا استطعنا التحكم بالخلية العصبية وارتباطاتها؟ وبما أننا نستطيع التفكير وتشكيل الذكريات لماذا لا نتحكم بالعواطف والرغبات والمشاعر، وإذا كنا نحن من نفكر...لماذا لا نفكر بما نريد، وعندما نريد هل نكون نحن من نريد أم أدمغتنا! وهل نحن هذا الدماغ أم الدماغ نحن؟ 


أرشيف المدونة

إتصل بنا

إرسال