الشعور بالرفض ... تعرف على أقسى المشاعر وأكثرها حزناً

الشعور بالرفض ... تعرف على أقسى المشاعر وأكثرها حزناً

 


قد يتعرض أي شخص كان للرفض، ويكون هذا الرفض على شكل عدم قبول في كلية محددة أو وظيفة أو الرفض من قبل الأصدقاء أو حتى الشريك العاطفي، ويرافق هذا الرفض الكثير من المشاعر، حيث أن الشخص المرفوض يدخل بحالة من الحزن والاكتئاب ويشعر بالألم وذلك حسب نوع الرفض، ولكن هل يمكن أن يشعر بألم حقيقي؟ وما آلية حدوث هذا الألم! إليك المقال التالي:

• ألم الرفض

إن الشعور الناتج عن الرفض هو شعور مؤلم للغاية ويرافقه مظاهر من الاكتئاب والعزلة، حيث أن الرفض يولد لديك الشعور بالخوف من الرفض مرة أخرى، وهذا ما يجعلك مثبطاً وغير قادر على الاستمرار، وتترنح بحالة من التأجج مستمر في المشاعر، ويترافق مع وصف مشاعر الرفض الكثير من المصطلحات التي تصف ألماً حقيقياً، كتحطم القلب، والجرح، والشعور بالصفع على الوجه، وهذا ما أثار فضول العلماء والباحثين، فقاموا بعمل تجربة تم نشرها في مجلة "science" العلمية عام 2003م ، وتضمنت هذه التجربة عدداً من المتطوعين، ولعبة الكترونية يتم خلالها تمرير الكرة من شخص إلى أخر، وبعد تمرير الكرة عدة مرات، قام الباحثون بضبط اللعبة على أن لا يتم تمريرها إلى المتطوع، ووضعوا هذا المتطوع بجهاز ال "FMRI Scanner" لمراقبة التحولات التي تحصل في دماغه،  وخلال المراقبة، اكتشف العلماء نشاط زائد في بعض مناطق المخ، والغريب في الأمر أن هذه المناطق تنشط في حالة أخرى، وهي حالة الألم الجسدي.

في دراسة أخرى انتشرت عام 2010م، تم نشرها في مجلة العلوم النفسية "aps" وجد الباحثون أن الإحساس بالرفض يمكن أن يكون مشابه لألم الإصابة الجسدية، ولتأكيد هذه النظرية، قام العلماء بتجربة على عدد من المتطوعين، حيث قاموا بإعطاء مسكن الباراسيتامول لنصف المتطوعين، وأعطوا النصف الأخر دواء مزيف، وبعد عدة أيام أثبتت التقارير أن المتطوعون الذين تناولوا المسكن شعروا بتحسن أكثر من أولئك الذين تناولوا الدواء المزيف، وحسب جهاز FMRI وجدوا أن المتطوعون الذين يتناولون الباراسيتامول لديهم نشاط أقل في مناطق الألم في الدماغ أثناء رفضهم في لعبة تمرير الكرة.

إن الدماغ البشري يتعامل بالطريقة نفسها مع مواقف الرفض التي نتعرض لها بشكل يومي، وبالرغم من أن المتطوعين يأخذون مقابل مادي لإجراء التجربة، إلا أن هذا لم يمنعهم من الشعور بالألم بسبب الرفض، ولا يقتصر ألم الرفض على أشخاص نحبهم بل حتى لو كانوا معادين لنا ولا يمكن أن نحبهم على الإطلاق إلا أننا سوف نشعر بالألم إذا تم رفضنا من قبلهم.

• ما سبب الألم الناتج عن الرفض؟

منذ قديم الزمان والإنسان البدائي يعتمد على الأشخاص المحيطين به، ليتمكن من العيش والتعايش، ويعود احتياجه للانتماء إلى جذوره الممتدة إلى بداية التاريخ البشري، وبالضبط إلى أيام المجتمع القبلي، حيث أن الشخص الذي يتم رفضه من القبيلة يكون في خطر كبير يهدد حياته، فيمكن أي يواجه حيوان مفترس أو قبيلة أخرى، لهذا السبب أن الانتماء شعور واحتياج أساسي، طوره البشر على امتداد العصور، ويمكن أن يصل بالأهمية إلى مكانة الطعام والشراب.
بما أن البشر كائنات اجتماعية، فهم يعتمدون على الانتماء كحاجة أساسية لمواجهة الحياة، فالشخص الذي ينتمي إلى جماعة ما، يمتلك القوة الكافية لحماية نفسه من المخاطر، أما بحالة عدم الانتماء فمن السهل أن تتوه وأن تتعرض للخطر لأنك لوحدك ومن غير مساندة، فاحتياجك للانتماء والإحساس بأنك مقبول اجتماعياً وعاطفياً، يعتبر ألية للمحافظة على استمرار الحياة.

• طريقة استجابة المخ

إن الدماغ البشري لا يستطيع التمييز بين الرفض الذي يسبب خطورة أو الرفض العادي، لهذا السبب إن جميع أنواع الرفض هو رفض مؤلم، ولا يعمل على الاستجابة للألم النفسي بشكل خاص بل يمكن أن يشارك بالألم الجسدي، ونتيجة لهذا التداخل، سنجد أننا لو خدرنا الإنسان من الألم الجسدي يمكن أن يؤدي إلى عدم إحساسه بالألم النفسي، ولكن للأسف إن الموضوع لا يقتصر على الألم الجسدي، بل هناك العديد من الأعراض التي يسببها هذا الرفض تتلخص بتراجع بالمستوى الإدراكي والحسي، ويزيد من فرصة الإصابة بالقلق والاكتئاب، وتزداد أيضاً صعوبة ضبط الانفعال والتحكم بالأداء الذهني، ويقلل من وظيفة الجهاز المناعي.

• الأثر الاجتماعي والصحي

أصدر رئيس الصحة العامة في أمريكا في عام 2001م بياناً يذكر فيه أن الرفض يعتبر مسبب أكبر لانتشار العنف بين المراهقين ومن تعاطيهم للممنوعات وانتمائهم لعصابات الشوارع، وهناك الكثير من الدراسات التي أثبتت أن الرفض ومهما كان مستوى تأثيره، يجعل الأشخاص الذين تعرضوا للرفض يعبرون عن غضبهم بالعنف، ويتسبب بمشاكل لنفسه وللمجتمع أيضاً، وفي دراسة أمريكية تم نشرها سنة 2015م، تم تحليل أكثر من 70 دراسة على 3 ملايين شخص مدار 7 سنوات، وكانت النتائج تقول أن الرفض الاجتماعي والاستبعاد، تزيد من احتمالية الوفاة بنسبة 29%، وهناك دراسات وجدت أنه هناك علاقة بين الاستبعاد وبعض الأمراض، مثل الزهايمر وأمراض القلب والسكتة الدماغية.

• حلول مشكلة الرفض وكيفية تخطيها

مهما كانت ردة فعلك بعد التعرض لرفض اجتماعي أو عاطفي، فمن المؤكد أن المسكنات ليست الحل الأمثل، وهناك الكثير من الطرق الصحية التي يمكنك من خلالها أن تتخطى هذا الألم مثل قضاء الإجازات وتغيير الروتين، وإن سر تخطي الألم هو أن تفعل شيء تقتنع تماماً بأنه يمكن أن يساعدك على تخطي الألم، لأنه فعلاً يمكن أن يساعدك، وحسب دراسة في جامعة "كولورادو بولدر" تم إعطاء دواء مزيف لمجموعة من الأشخاص اللذين يعانون من ألم نفسي بسبب الانفصال، وكانت النتائج تثبت أن الأشخاص اللذين تناولوا الدواء المزيف ظهرت عليهم علامات التحسن وأصبحت أعرض الألم خفيفة، وهذا يعني أن الإنسان قادر على التحكم بمشاعره من تلقاء نفسه وبدون أي تدخل.

إن هذه التجربة تؤكد أن قناعاتك وتوقعاتك الإيجابية، تستطيع أن تجعلك تشعر بشعور أفضل، حيث أنها تحفز المنطقة المسؤولة عن هذا الاحساس في المخ، وتحفيز هذه المنطقة يحتاج في العادة إلى المسكنات والمواد الكيميائية، وهذا يعني أنت التوقعات الإيجابية يمكن استخدامها لصالحنا الشخصي ومعالجة آلامنا.

أرشيف المدونة

إتصل بنا

إرسال