ماذا لو توقف الكون عن التوسع؟

ماذا لو توقف الكون عن التوسع؟


- تمهيد :

أتى على الناس حين من الدهر كانوا يظنون أن الارض هي مركز الكون و الشمس تدور حولها و مع تقدم الزمن و تقدم العلم و تقدم وسائل العلماء في البحث و الكشف، اكتشف العلماء ان الارض ليست مركز الكون و أنها ليست إلا كوكباً في مجموعة من الكواكب تدور حول الشمس و ظنَّ العلماء لبرهة أن الكون هو ذاك النظام الشمسي و أن الشمس مركز الكون و أنها ثابتة في مكانها ثم ما لبثوا أن اكتشفوا أنّ الشمس ما هي إلا نجم صغير من مجموعة هائلة من النجوم سموها مجرة درب التبانة تنتمي شمسنا إليها و تعد نجومها بالمليارات، و مرت فترة من الزمن ظنّ العلماء أن هذه المجرة هي الكون ثم ما لبثوا أن اكتشفوا أن مجرتنا درب التبانة ليست إلا نقطة في بحر الكون العظيم و أن مليارات المجرات تسبح فيه حسب ما كشفته مراصد العلماء حتى يومنا هذا و أنّ هذه المجرات تتباعد باستمرار و أنّ هذا التوسع الكوني تزداد سرعته بنسبة مدهشة و منضبطة و لا يتم بسرعة ثابتة، غير أنّ تأخر هذه الاكتشافات قد أربك واحد من أكبر علماء الفيزياء و الفلك في التاريخ و هو ألبرت اينشتاين الذي يبدو أنه كان سابقاً لعصره؛ ذلك لأنه بعبقريته النادرة وضع النظرية النسبية العامة عام 1915 يوم كان العلماء يظنون أن مجرتنا هي الكون كله إذ لم تكن وسائلهم و أدواتهم تسمح لهم بأكثر من ذلك، غير أن اينشتاين واجه مشكلة عند وضع المعادلات النهائية لنظريتة لأنها لم تكن لتصح إلا إذا افترض أن الكون في حالة تمدد أو انكماش و هذا ما لم يكن العلم قد توصل إليه في ذلك الزمان فاضطر أن يضيف إلى معادلاته رقماً ثابتاً سماه الثابت الكوني فانضبطت معادلاته و أصبحت تعبر تماماً و بدقة عن العلاقة بين الأجرام و الضوء و الفراغ و الزمان لكن العالم "Edwir" ما لبث أن اكتشف بعد فترة قصيرة من وضع النظرية النسبية أن الكون يحتوي على مليارات من المجرات و مجرتنا واحدة منها و أن هذه المجرات تتباعد عن بعضها باستمرار أي أن الكون يتمدد و هذا التمدد هو ما أوحى للعلماء بنظرية الانفجار العظيم المعروفة و أن نظرية النسبية منضبطة دون الحاجه إلى وضع الثابت الكوني فيها و هنا ينقل بعضهم عن اينشتاين أنه اعتبر وضعه لذلك الثابت الكوني في معادلات نظريته كانت غلطة عمره و أنه كان عليه أن يفترض أن الكون يتمدد فعلاً فماذا لو توقف الكون عن التوسع؟


منذ حوالي 13.8 مليار عام مضى تمدد متفرد صغير جداً و شديد الكثافة و الحرارة مشكلاً ما ندعوه اليوم بالكون و لم يتوقف عن التمدد منذ ذلك الحين.

- ماذا لو توقف ابتعاد المجرات و النجوم و كل شيء عن كل شيء آخر؟


توصل العلماء قبل بضع سنوات بعد رصد و دراسات عميقة مستفيضة إلى أن سرعة تمدد الكون تزداد بمقدار يعادل تقريبا 74 كم في الثانية لكل ثلاث ملايين سنة ضوئية و هذا المقدار مضبوط و محكم و غير قابل للزيادة ولا للنقصان و لو بمقدار 0.000000000001 و إن ذلك بمثابة مفاجأة خاصة للفيزيائيين الفلكيين الذين اعتقدوا أن التوسع يتباطأ عملياً بفعل قوة الجاذبية و قد فُسر اكتشاف توسع الكون بنظرية وجود قوة تسرع تمدد الكون و أطلقوا عليها اسم الطاقة المظلمة.

- ماذا لو توقفت هذه القوة الافتراضية عن دفع أجزاء الكون بعيدا عن بعضها البعض ؟

نفترض تضاؤل القوة المظلمة مع الزمن لكن مع بقائها كافية لتبطل مفعول الجاذبية كيف سيبدو الأمر لو كان الحال كذلك فيصبح الكون شبيهاً بذاك الذي تخيله ألبرت اينشتاين قبل أن يغير اكتشاف العالم أدوين هابل قواعد اللعبة و وجهة نظر اينشتاين، سيكون الكون ثابتاً و سيكون كوناً لا يتمدد و لا يتقلص، ستستنفذ النجوم في نهاية المطاف كل الغاز المطلوب لتشكلها و ستولد نجوم أقل و سيصبح الكون أشد ظلاماً و مكتظاً بالثقوب السوداء و بحلول ذلك الحين ستكون الأرض قد اختفت منذ زمن إذ سيبتلعها نجم العملاق أحمر اعتدنا تسميته بالشمس و عند نقطة ما ستصل درجة حرارته إلى نهايتها الصغرى المحتومة الصفر المطلق و هو عند الدرجه 273c- ؛ على مقياس سيليسيوس عند هذه الدرجة من الحرارة ستتوقف الذرات نفسها عن الحركة و سيصبح الكون عديم الحياة بالمطلق لكن لنعد إلى الوراء و نفترض أن الطاقة المظلمة أصبحت ضعيفةً جداً بحيث لم يعد يمكنها أن تبطل مفعول الجاذبية.

- ماذا لو أصبحت هذه الطاقة المظلمة ضعيفةً جداً بحيث لم يعد يمكنها أن تبطل مفعول الجاذبية؟

حين تهيمن الجاذبية تسحب كل شيء، مرة أخرى سيبدأ الكون بالتقلص و تقترب المجرات من بعضها البعض حتى اندماجها في مجرة واحدة هائلة و باختلاط المجرات داخل بعضها البعض سيصبح الكون أشد حرارة من الشمس، و سيكتظ ثانيةً بالثقوب السوداء منتجاً النجوم المتفجرة، و ستمتص الثقوب السوداء كل شيء حولها الكواكب، النجوم و المجرات بأكملها و حتى غيرها من الثقوب السوداء و في النهاية سيشكلون ثقباً أسوداً متوحشاً سيسحب الكون بأسره إلى نقطة وحيدة صغيرة و حارة و شديدة الكثافة و سينتهي الكون بإنكماش عظيم عائداً لما كان يبدو عليه في البداية و من يدري قد ينفجر المتفرد حديثاً بانفجار عظيم آخر منتجاً كوناً جديداً بنجومٍ جديدةٍ و كواكب جديدة و أشكال حياة جديدة، لا أحد يعرف كيف سينتهي كوننا و إلى الآن لا نعرف ماهية الطاقة المظلمة التي تدفع أجزاء الكون بعيداً عن بعضها البعض و لهذا السبب هناك العديد من النظريات تشرح المصير النهائي للكون قد تكون أي منها صحيحة لكن يمكن أن تكون خاطئة كلها.

أرشيف المدونة

إتصل بنا

إرسال