تاريخ الحضارة البابلية... من هي و من ملوكهم و ما هي إنجازاتهم و أين منازلهم الآن؟

تاريخ الحضارة البابلية... من هي و من ملوكهم و ما هي إنجازاتهم و أين منازلهم الآن؟



كانت واحدة من أكبر و أهم المدن في العالم القديم وجدت في وسط بلاد الرافدين بالقرب من نقطة التقاء تدفق نهري دجلة و الفرات و هي نفس المنطقة التي كانت موطناً لعديد من العواصم على مر القرون (كيش و أغادي و سلوقية و بغداد).

- تاريخ الحضارة البابلية، من هي و من ملوكهم و ما هي إنجازاتهم؟

يقول المؤرخون أنه قد يكون اسم المدينة القديمة بابل أصله من لغة غير معروفة سبقت السومرية و الأكادية في بلاد الرافدين ثم أصبح يُفهم في اللغة الأكادية على أنه باب إيلي الذي يعني بوابة الإله، بابل هي النسخة اليونانية للاسم و يشار اليوم إلى النصف الجنوبي من بلاد الرافدين القديمة، المنطقة التي تمتد من حول بابل جنوبا إلى الخليج الفارسي كبابل و لكن في العصور القديمة كانت تسمى هذه المنطقه سومر و أكاد.

- تاريخ بابل (أروع مدينة في زمانها) :

• كانت مدينة بابل معروفة لدى المؤرخين اليونانيين و الرومان، المؤرخ اليوناني هيرودوت كان قد زار المدينة في القرن الخامس قبل الميلاد أو كتب رواياته نقلا عن تقارير شهود عيان حيث قال عنها أنها تفوق روعة أي مدينة في العالم المعروف كما يتحدث عنها المؤلفون الكلاسيكيون على أنها واحدة من عجائب الدنيا القديمة حدائق بابل المعلقة و كثيرا ما تذكر المدينة في كتاب التوراة حيث يعتقد أن برج بابل وجد هناك، و كانت بابل المكان الذي نفى فيه الملك "نبوخذ نصر" اليهود بعد غزو يهودا، و قيل أن المدينة كانت موطن النبي دانيال لذلك و على عكس معظم المدن الأخرى في المنطقة لم تُنسى بابل حتى بعد زوالها.

• بعد انهيار و تفكك المباني في زمن طويل احتفظت الكومة الأثرية في أقصى شمال الموقع باسم تل بابل لكن نسي تاريخ المدينة الطويل قبل فترة نبوخذ نصر.

• ارتفع منسوب المياه الجوفية في بابل على مر القرون لذا يجد علماء الآثار صعوبات لفهم تاريخ المدينة السابق و من الممكن أن الموقع مثل مدينة نينوى الآشورية كان عامراً قبل التاريخ المكتوب في وقت طويل لكن لا توجد تقنية لمعرفة ذلك و الكثير مما يعرف عن بابل قبل الألفية الأولى قبل الميلاد يأتي إلى حد كبير من السجلات النصية لمدن قديمة أخرى، يعود أول ذكر معروف لمدينة بابل إلى زمن شركلي شرى (حكم حوالي 2219 إلى 2217 قبل الميلاد) ملك أكاد و سليل مؤسس الإمبراطورية "سرجون" (حكم حوالي 2334 قبل الميلاد).

• النقوش تذكر معبدين في المدينة لكن لم يعرف سوى القليل منذ ذلك الوقت.


- الأسرة البابلية الأولى:

• في بداية القرن التاسع عشر قبل الميلاد أصبح تاريخ بابل أكثر وضوحا حوالي عام 2000 قبل الميلاد تعرض السكان الأصليين من السومريين و الأكاديين في بلاد الرافدين لغزو الأموريين الذين استقروا في وادي النهر و اعتمدوا إلى حد كبير العادات المحلية، كانت اللغة الأمورية مثل اللغة الأكادية لغة سامية لكن المتحدثين بها لم يكتبوها بل استمروا في استخدام الأكادية و السومرية في سجلاتهم المكتوبة.

• سيطر الملوك الأموريون على العديد من مدن بلاد الرافدين بما في ذلك بابل و خلال القرن التالي عززت سلاله أموريي بابل التي أسسها سومو أبوم (حكم من 1894 إلى 1880 قبل الميلاد) سيطرتها على الأراضي المحيطة.

• في بداية القرن الثامن عشر قبل الميلاد هيمنت اثنتي عشرة مملكة بما فيها بابل على بلاد الرافدين و سوريا كانت بعضها مرتبطة بتحالفات و أخرى في كثير من الأحيان بعد نشوب حروب.

• يعتبر حمورابي الذي (حكم من 1792 الى 1750 قبل الميلاد) أعظم ملوك السلالة البابلية الأولى و تسمى أيضا الفترة البابلية القديمة، فقد أظهر منذ بداية حكمه على اهتمامه بالعدالة لكن لم يصدر حمورابي كل القوانين التي اشتهر بها حتى وقت متأخر من حكمه حينها كان قد وضع الجزء الكبير من بلاد الرافدين تحت سلطته من ماري في سوريا (على الحدود العراقية الشمالية حاليا إلى الخليج الفارسي).

• على الرغم من أن حمورابي لم يكن المشرع الأول الذي عرفته المنطقة حيث أن القوانين المكتوبة كانت موجودة هناك لأكثر من 200 سنة عندما تولى العرش إلا أن قوانينه تركت انطباعا و أثرا قويان لدى الأجيال التالية من الكتاب في بلاد الرافدين فنسخوها و درسوها لعدة قرون.

• كان لقوانينه تأثيرا أيضا على الشعوب المحيطة مثل الحيثيين و الكنعانيين وفي النهاية على اليهود و بالتالي على كتاب التوراة.

• عبد حمورابي العديد من الآلهة و كان يعيد بناء معابدهم و يقدم لهم الهدايا و القرابين لكنه كان يرجع نجاحه بشكل رئيسي الى إله المدينة مردوخ أو نمرود حيث كان تمثال هذا الأخير موضوعا في معبد كبير وسط المدينة و كانت عبادته جزءا أساسيا من دين البلاد منذ ذلك الوقت.


- الحيثيون و الكيشيون:

• يبدو أنه في حوالي عام 1595 قبل الميلاد قام الحيثيون (شعب تركيا وشمال سوريا) بنهب بابل و أخذوا العديد من البابليين كأسره كما استولوا على تماثيل مردوخ و زوجته "صاريا نيتوم" و أخذوهم إلى بلدهم ختي "مناطق الأناضول" حيث بقيت التماثيل هناك لعقود، هذا الحدث غير معروف تقريبا في السجلات البابلية و لم يذكر إلا لفترة وجيزة في السجلات الحيثية فلا يوجد دليلا أثري بسبب الصعوبات المرتبطة بالتنقيب في المستويات الأولى من آثار بابل لكن يرى الباحثون أنه من الواضح أن الحيثيون لم يستقروا طويلا أو حاولوا حكم بابل.

• لايزال القرن بعد غزو بابل هذا لغزا بسبب الانعدام التام تقريبا للمصادر النصية و قليل من الأدلة الأثرية، لكن في عام 1500 قبل الميلاد سيطرت سلالة أجنبية جديدة على بابل هم "الكيشيون" أصلهم غير واضح و لغتهم لا تعرف إلا من خلال خصائص أسمائهم الشخصيه مثلهم مثل الأموريون تبنوا المسارات و العادات البابلية و أثبتوا أنهم قادة ماهرون.

• كانت بلاد الرافدين متحدة و يسودها السلم و مستقرة نسبيا خلال قرون حكم الكيشيين.

• كان ملوكهم في بابل يتواصلون بانتظام مع ملوك الكيشيين في الأناضول و ملوك ميتاني السوريين و فراعنة المملكة المصرية الحديثة، كما أظهرت مراسلاتهم التي وجدت في مصر و الأناضول أن الملوك البابليون أرسلوا إلى فراعنة مصر الخيول و هدايا أخرى و في المقابل كانوا يطلبون دائما الذهب كما كتبوا في جهة أخرى العديد من النصوص التي تحدثت عن مراسيم زواج بتحالفات أقيمت بينهما، و أصبحت العديد من أميرات بابل ملكات في مصر.

• في القرن الثالث قبل الميلاد بدأت قوة جديدة تفرض نفسها شمال بابل و هي "آشور" و منذ تلك الفترة أصبحت بابل و آشور القوتان الرئيسيتان المهيمنتان و المتنافستان في بلاد الرافدين.


- بابل تحت سلطة الإمبراطورية الآشورية :

• خلال زمن الضغط الذي ميزت نهاية فتره الكيشيين دخل أناس أجانب آخرون من الغرب هم "الآراميون" بشكل جماعي و أحيانا كمهاجرين و أحيانا أخرى كغزاة.

• بينما يبدو أن لغات الأموريين و الكيشيين قد اختفت مع مرور الزمن فإن اللغة السامية لهؤلاء الوافدين الجدد الآرامية بدأت في أخذ مكان الأكادية القديمة كلغة يتحدثها أهالي بلاد الرافدين فتم استخدام الآرامية على نطاق واسع في بابل و آشور على الرغم من أن الأكادية بقيت لقرون اللغة المرجعية في الكتابة، فكانت اللغة الآرامية هي السائدة في المنطقة حتى انتشار اللغة العربية في القرن السابع للميلاد.

• بين نهاية السلالة الكيشية و القرن الثامن للميلاد حكمت ستة سلالات محلية بابل و لم تكن أي منها قادرة على تحقيق القوة التي تضاهي تلك التي ميزت سلالة حمورابي أو الملوك الكيشيين، فكانت في بعض الأحيان على علاقه جيده مع الآشوريين و في أوقات أخرى تضغى العداوة بينهما خاصة و أن آشور أصبحت قوة لا يستهان بها و يبدو أن الآشوريين قد احترموا دائما الثقافة البابلية و آلهتها حيث تعامل أباطرة آشور عموما مع البابليين بكرم أكبر من جيرانهم رغم ذلك كانت هناك نشوب لبعض الحروب بينهما لتدفع بالعديد من ملوك آشور الجدد إلى السيطرة مباشرة على بابل أو لوضع ملوك تابعين لهم على عرشها.


- بابل تحت سيطرة الإمبراطورية الآشورية :

• ظهرت في القرن الثامن قبل الميلاد مجموعة رابعة كبيرة من المستوطنين و الغزاة في بابل هؤلاء الكلدانيون الذين جاءوا من الأهوار الجنوبيه و رغم كونهم يتحدثون اللغة الأكادية مثل البابليين المحليين إلا أنهم اعتبروا كأعداء لسنوات عديدة في نهاية المطاف رغم ذلك أصبح الكلدانيون مثلهم مثل الكيشيون و الأموريين قبلهم قادة و أسياد بابل.


- الفترة البابلية الجديدة :

• جاءت الفترة العظيمة الثانية من الحكم البابلي (الفترة البابلية الجديدة) بعد ألف سنة من زوال إمبراطورية حمورابي بالتعاون مع الميديين استطاع البابليون الإطاحة بالإمبراطورية الآشورية عام 612 قبل الميلاد و سيطروا على الجزء الكبير من المنطقة.

• الشخصية المهيمنة في ذلك الوقت كان ملك بابل الكلداني نبوخذ نصر الثاني الذي عرف على أنه غازيا و مشيدا كبيرا كانت بابل في عهده هي الأكثر شهرة، مدينة ذات حجم و عظمة غير مسبوقة إنها المدينة التي تحدث و وصفها هيرودوت و التي تم حفر آثارها و إعادة بنائها جزئيا.

• كانت أسوار المدينة الهائلة بطول 18 كيلو متر مع ما لا يقل عن ثمانية أبواب ضخمة و تتربع على مساحة 850 هكتار أغنية داخل المدينة زقورة (برج المدرج) لمعبد مردوخ "إيسا كيلا" على ارتفاع كبير مرئي من مسافات كبيرة و يعتقد أنه كان مصدر إلهام لقصة كتاب التوراة لبرج بابل.

• تم تفكيك البرج بالكامل في العصور القديمة لذلك لا يمكن لأحد تحديد ارتفاع البرج بشكل موثوق.

• كان البناء في جميع الأماكن من الطوب المخبوز عوض عن الطوب المعتاد المجفف في الشمس الذي سيطر على العمارة في بلاد الرافدين منذ آلاف السنين.


- حقيقة حدائق بابل المعلقة :

• بوجود أماكن كاملة من المدينة مثل مسار الموكب المؤدي إلى باب عشتار من طوب مطلي باللون الأزرق اللامع مزين باللون الأسود بسور الأسود و التنين المنحوت في نقوش بظلال مشرقة من الأصفر و الأسود و الأبيض لم يعثر علماء الآثار على أي دليل واضح عن الحدائق المعلقة الشهيرة و التي تم وصفها في المصادر التقليدية بأنها حدائق متدرجة على هيكل اصطناعي و هو شيء خارق للعادة بالنظر لما تتطلبه التقنية لزراعة الأشجار في أعلى المباني و لم يذكر أي مصدر معاصر عن وجودها أيضا حتى هيرودوت لم يذكرها في وصفه المفصل لبابل و قيل مؤخرا أن هذه الحدائق لم تكن في الواقع في بابل بل وجدت في آشور حيث تفاخر بها الملك الآشوري سنحاريب (الذي حكم من 704 إلى 681 قبل الميلاد) حيث أقام مثل هذه الحدائق المدرجة التي تسقيها قناة مائية في عاصمته "نينوى".


- كم كانت الفترة البابلية الجديدة ؟

• كانت الفترة البابلية الجديدة قصيرة الأجل و دامت أقل من قرن، كان آخر ملوك بابل رجلا عجوزا غريب الأطوار يدعى "نبونيد" (حكم من عام 555 حتى عام 539 قبل الميلاد) الذي أهمل العيد السنوي للإله مردوخ و كان مخلصا لإله القمر، و يقال إن سكان بابل كانوا يمقتونه لدرجة أنه لم تشهد مقاومة تذكر للإمبراطور الفارسي "كورس الثاني الكبير" (حكم الإمبراطورية الفارسية من 585 إلى 529 قبل الميلاد) عندما قام بغزو بابل في عام 539 قبل الميلاد.

أرشيف المدونة

إتصل بنا

إرسال