من أبشع أمراض الجهاز العصبي وأكثرها ألماً ... تعرف على الصداع النصفي

من أبشع أمراض الجهاز العصبي وأكثرها ألماً ... تعرف على الصداع النصفي

 


هناك العديد من الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي والدماغ، ويختلف الألم الناجم عن هذه الأمراض حسب نوع المرض وشدته ويختلف العلاج أيضاً حسب الحالة، ومن الأمراض المعروفة والشائعة جداً هو الصداع الذي يصيب الرأس ولكن هل هناك نوع أخر للصداع؟
وماهي أعراض هذا الصداع المختلف وكيف يمكن تشخيصه والتعرف عليه! وماذا عن العلاج؟ إليك المقال التالي:

• الصداع النصفي





يعرف الصداع النصفي (migraine) على أنه مرض يصيب الدماغ وينجم عنه ألم في أحد جانبي الرأس غالباً ويمكن وصف هذا الألم على أنه نبضات داخل الرأس، ففي تجربة تم أجراؤها في صندوق الصداع النصفي على أشخاص مصابين بهذا المرض، تم وضع أمام كل مريض تمثال من الفلين وطُلب منهم وصف الألم الذي يشعرون به، البعض وصفه بشكل مسامير تضرب جانب الرأس وبعضهم وصفه على أنه منشار وآخر عبر عن الصداع النصفي على أنه مثقب يحفر بالرأس، وحسب رأي الكاتب البريطاني Rudyard kipling فإنه يشعر أثناء نوبة الصداع النصفي بأن رأسه مقسومة لنصفان، نصف مشحونة بالشتائم والألم والمطارق، والنصف الأخر هادئ ويشاهد أخاه يتألم.

تُعرف أعراض النوبة بحساسية عالية من الضوء وحساسية للأصوات والغثيان واضطرابات في بعض الحواس تدعي الهالة (Aura) وهي أهم العلامات التي تدل المريض على اقتراب نوبة الصداع النصفي وقد تستمر هذا الهالة ساعة كاملة قبل بدء نوبة الصداع.

• ماهي الهالة (Aura)؟

إن الهالة مجموعة من الأعراض التي تسبق نوبات الصداع النصفي ويشعر خلالها المريض بالإرهاق والتثاؤب، وبعض الاضطرابات العاطفية وضعف في التركيز، حتى أن بعض المرضى يفقدون القدرة على الكلام ومنهم من يفقد الإحساس بيديه أو يفقد القدرة على الرؤية.

• التكلفة المادية

إن تكلفة الرعاية الصحية لعائلة لديها مرض الصداع النصفي أعلى ب 70% من عائلة سليمة، وهذا لأن الصداع لا يقتصر على ألم الرأس فقط بل يمكن أن يسبب مشاكل جسدية ومشاكل نفسية، حيث أن مرضى الصداع النصفي معرضين بشكل أكبر للإصابة بالسكتات الدماغية والاكتئاب، ومن الممكن أن تستمر نوبة الصداع النصفي من ساعات إلى ثلاثة أيام، وهذا ماقد يمنع المريض من ممارسة عمله بشكل كامل وبالتالي يخفض دخله المادي.
في أمريكا وحدها يضيع كل سنة ما يقارب ال 157 مليون يوم عمل بسبب الصداع النصفي، مما دفع منظمة الصحة العالمية (who) إلى اعتبار الصداع النصفي كأكبر سادس سبب للإعاقة.

• تاريخ الصداع

من المرجح أن هذا الصداع قديم قِدم الإنسان نفسه، والدليل على ذلك وجود آثار قديمة تعود لآلاف السنين ذكر بها هذا المرض، ففي بلاد الرافدين تم العثور على ألواح طينية تعود إلى 3000 عام قبل الميلاد وذكر في هذه الألواح بعض المقولات التي تصف أن شعور الألم بالعين سببه ألم في الرأس، وهناك شخص آخر كتب في هذه الألواح عن نبض يشعر به داخل رأسه وهذا النبض يزداد إلى أن يصل لعينه ويضعف نظره، ويعتبر هذا وصف ورصد مثالي ومبكر لمرض الصداع النصفي، وهناك كتابات أخرى تتحدث عن الابتعاد عن الضوء وحساسية الصوت وفقدان الشهية وهذه الأعراض تؤكد لنا أن الصداع النصفي قديم جداً.
كان هناك محاولات عديدة لعلاج هذا المرض حيث ذُكر في بردية إيبيرس أولى المخطوطات الطبية في تاريخ البشرية طريقة علاج مرض الصداع النصفي، وكان العلاج عبارة عن تمثال صغير للتمساح المقدس محشياً ببعض أنواع الأعشاب يوضع على الرأس ويُلف بشريط من الكتان، والفكرة من هذا العلاج أنه فعلاً كان يخفف من توسع الأوعية الدموية التي تسبب هذا الألم.

• البحث عن العلاج

بالرغم من الإنتشار الكبير والأضرار الكثيرة الناجمة عن هذا المرض إلا أنه لم يتم إيجاد علاج لمرض الصداع النصفي.
ويعود سبب تجاهل هذا المرض إلى أنه على الرغم من كونه مرض حقيقي إلا أنه يفتقر إلى المصداقية التي تضفي عليه صفات الأمراض الحقيقية وبالتالي تأخرت الأبحاث وفرص إيجاد العلاج لهذا المرض، حتى أنها قللت من التمويل المخصص للأبحاث، ففي أمريكا عام 2017م خصصت معاهد الصحة الوطنية 19 مليون دولار لأبحاث الصداع النصفي بالمقابل خصصت 51 مليون دولار لأبحاث مرض الجدري الذي انتهى في عام 1980م حيث أن هذا التجاهل نتج عن مرور سنين طويلة التي تعرض بها الصداع النصفي إلى وصمة اجتماعية جعلته غير جدير بالاهتمام.

• العلاج قديماً

كان القدماء في العصور الوسطى يعالجون الصداع النصفي بسحب الدم من أماكن معينة في الجسم لتخفيف الضغط وتقليل كمية الدم الفاسد، وبعد انتشار هذه الطريقة حددت نقابة الأطباء بعض النقاط في الجسم لإجراء سحب الدم بالإضافة إلى سجل مخصص لكل مريض يحدد به موعد جلسات سحب الدم، ولذلك كان من السهل جداً التعرف على مرضى الصداع من آثار الندبات على اجسادهم، وكانت الاهتمامات في العصور الوسطى بالبحث عن سبب هذا الصداع وليس معالجة الأعراض، ومنه تم التعرف على مرض الصداع النصفي كسبب للأعراض الأخرى المرافقة له، وتم تصنيف الصداع إلى أنواع:
- الصداع النصفي الكلاسيكي والذي يأتي مع الهالة.
- الصداع النصفي الشائع والذي يأتي بدون هالة.
- الصداع المرتبط بالدورة الشهرية والآخر المرتبط بالتوازن وهناك أكثر من عشر أنواع للصداع النصفي.

• الصداع النصفي بالوقت الحديث

ينتشر الصداع النصفي بشكل كبير جداً هو يصيب واحد من بين كل سبع أشخاص، أي مايعادل مليار شخص على مستوى العالم، والنساء هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا الصداع، وعدد المصابين به يعادل عدد المصابين بالسكري والربو والصرع معاً، وفي عام 2017 تم الإعلان عن دواء وقائي يحمي من نوبات الصداع وهي عبارة عن حقن تؤخذ شهرياً وتقي من حدوث النوبات ولكن تكلفة هذا الحقن باهظ جداً ولايمكن تأمينها لجميع المرضى على مستوى العالم، وحديثاً تم تصنيف الصداع النصفي تصنيفات دقيقة، وتفصيل الأعراض بشكل أدق مما يسهل تشخيصه وتمييزه عن باقي للأمراض.

من بداية ظهوره الى الأن، كان من الصعب جداً على الأطباء أن يجدوا تعريف أكاديمي للصداع النصفي لأنه من الصعب أن نجد وصف يجمع كل جوانب الصداع النصفي، لأن لكل مريض معاناة خاصة مع هذا المرض، ولكن هذه المعاناة بازدياد دائم لأن المجتمع لا ينظر للصداع النصفي على أنه مرض حقيقي ولا يؤخذ على محمل الجد.

أرشيف المدونة

إتصل بنا

إرسال