ما تفسير أفعالك الغير منطقية واللاإرادية؟

ما تفسير أفعالك الغير منطقية واللاإرادية؟

 

تستلقي على سريرك بعد يومٍ طويل وتعيد أحداثه في خيالك فتجد الكثير من الأفعال التي لم تكن ترغب بفعلها وأنت على دراية تامة بأن ما تفعله هو خطأ، وحتى في ردود أفعالك تجدها مختلفة تماماً عن الردود التي يجدر بدك أن تبديها، ويبدأ هذا الأمر بإثارة القلق لديك وتبدأ بالسؤال لماذا كانت أفعالك غير منطقية وغير متوقعة؟ ولماذا بدر منك ردة فعل غريبة وغير إرادية ومختلفة تماماً عن تلك التي يجب أن تبديها؟ إليك المقال التالي:






• ما تفسير أفعالك الغير منطقية واللاإرادية؟

تعمل ردود أفعالك بانتظام بشكل دائم ولا يوجد للعشوائية أي مكان هنا، لذلك إذا أردنا تفسير هذه الردود وحتى الأفعال يجب أن ننظر إلى الآلية التي يعمل بها الجسم وأن ندرس تصرفاته لنستطيع أن نفسر تماماً سبب تلك الأفعال، وأن نستطيع احتوائها وفهمها وأن نميز بين الوعي واللاوعي وذلك سيمنحك تفسيراً وأحياناً سيطرة على كل الأفعال التي تبديها.

• الدماغ

هذا العضو الصغير الذي أخذ من وقت كل عالم وكل فيلسوف وكل دراسة، هو الذي يستطيع جعل حياتك إما نعيم أو جحيم، ومع ذلك لم يستطع العلم فهم كل تصرفات الدماغ ولا اكتشاف الطريقة التي يعمل بها بشكل كامل، فهو المركز الذي يحوي جميع المشاعر ويمنحك الإحساس بها ويفسر تلك الإحساسات لتستطيع من خلالها أن تقوم بالأفعال المناسبة، وهذه الإحساسات لا تأتي بمفردها بل حسب الموقف وحسب نظرتك لهذا الموقف فمثلاً إذا رأيت حشرة على يدك قد ترميها وتنتهي القصة هنا ولكن عند شخص أخر عندما يرى الحشرة على يده قد يدخل بنوبة من الهلع والخوف، والشاهد هنا أن طبيعة كلا الشخصين مختلفة فالأول لم يختلف عليه شيء أما الثاني فقد تدفق هرمون الخوف (الأدرنالين) وخليطاً من الهرمونات الأخرى في جسده مما دفعه لإظهار أفعال غريبة وأحياناً غير متوقعة، والأمر نفسه يحدث أثناء المواقف السعيدة التي يفرز بسببها هرمون الدوبامين والذي يقوم بدوه بقطع اتصال دماغك عن مركز التمييز بين الأفعال الحسنة والسيئة الموجود بالفص الجبهي لذلك لا يميز الشخص السعيد بين الأفعال الحسنة والسيئة وبالتالي يقوم بأفعال بعيدة عن المنطق ولا تمثله، وتعتمد هذه الأفعال الغريبة باختلافها على سبب جيني أو سبب في التربية والتنشئة، فالدماغ يربط بين المواقف والشعور الذي يجب أن يبديه.


• الوعي واللاوعي

عند النظر إلى الدماغين الوعي واللاوعي، نجد أن الإثنان مختلفان تماماً عن بعضهما البعض فأحياناً يغلب الأول وأحياناً يغلب الثاني وكلما سيطر أحد الدماغين سيطر معه التصرف المرافق له، فعندما تكون الحالة شبه خطرة أو سعيدة جداً يسيطر الدماغ اللاوعي وفي هذه الحالة سوف تخضع أنت وجسدك لتحكم كامل غير إرادي وغير منطقي، وتصبح دمية بين يديّ الهرمونات والأفكار المخبأة بين تلافيف دماغك، فمهما كنت قوياً أو صاحب كبرياء سوف تطلب المساعدة عندما تصاب بمرض مؤلم أو عند الشعور بخوف شديد، ويعود السبب في ذلك إلى الحاجة الفطرية لجسدك بالبقاء والحفاظ على نفسه.

أما في حالة الوعي تكون الأمور مستتبة وهادئة وتسطيع أنت الحكم على المواقف بالطريقة التي تريدها وأيضاً الرد بالطريقة التي تناسبك وتناسب الموقف بكل عقلانية، حتى إذا ماكانت ردة فعلك لا تعكس شخصيتك الحقيقية، أي أنك تتصرف تبعاً للطريقة التي تريد أنت أن تسير الأمور بها، ومن الممكن أن تكذب بطريقة يصعب كشفها ويمكن أن تختلق الأعذار وأن تتحدث عن مواقف لم تحدث قط، فهذا كله وارد إذا ما كنت مرتاحاً وبعيداً عن أي ضغط، على النقيض الأخر يأتي اللاوعي الذي لا تستطيع من خلاله الكذب أو لنقل أن كذباتك سوف تكون ركيكة ومن السهل كشفها لأنك ببساطة لست المتحكم بل عقلك اللاوعي.


• اتخاذ قرارات غير منطقية

بشكل عام يتحكم دماغك باتخاذ القرار، ولكن الأمر ليس سهلاً على الأطلاق لأن اتخاذ أي قرار يمكن أن يلغي بدوره فرصة أجمل وأكبر، فمثلاً عندما تجد فتاة تناسبك تماماً وتحبك وتقف أنت أمام قرار الارتباط بها سوف يخطر ببالك آلاف الاحتمالات والفرص المستقبلية التي يمكن أن تؤمن لك ارتباطاً بفتاة أجمل وأفضل وهنا تبدأ بالقلق واتخاذ قرار غريب وغير مناسب، والقلق أيضاً يلعب دوراً رئيسياً باتخاذ القرارات فعندما تريد شراء هاتف جديد سوف يخطر ببالك العديد من القصص التي لايمكن لها أن تحدث مثل أن يسقط منك أو ماشابه وهذا ماقد يجعل قرارك غير منطقي.


• الحب والعلاقات السامة

يقع الكثير من الأشخاص في دوامة العلاقات السامة مع الأشخاص الساميّن، وخلال هذه العلاقة يتحملون الكثير من الألم والعذاب النفسي وأحياناً الجسدي ومع كل ذلك يستمروا بتقديم الامتيازات لهذا الشخص السام ويمنحوه الكثير من الصلاحيات عليهم والغريب بالأمر أنهم يعلمون أنه يتم استغلالهم ومع ذلك لا يستطيعون الابتعاد عن هذا الشخص السام ولا يستطيعون قطع تلك العلاقة التي تربطهم به.

يحاول العلماء تفسير هذا السلوك المرتبط بهذه العلاقة، ووجدوا أن الأمر متعلق بغريزة الإنسان الأساسية في الاستمرار، أي أن حاجة الأنسان للبقاء في حالة وجود شخص يهدد حياته تكون أقوى من حاجة الأنسان لكره هذا الشخص المؤذي وتعتبر هذه الحالة حالة دفاع عن النفس، فالدماغ لايستطيع تمييز نوع الأذية التي يمكن أن يسببها هذا الشخص لذلك يتعامل مع أي تهديد في نفس مستوى الكفاءة ولهذا يتبع بعض الخطوات للدفاع عن نفسه من شخص مؤذي مثل:
الكبت: أي قمع أفكارك ومشاعرك في عقلك اللاوعي وعدم تحويلها إلى كلام أو تصرفات واعية مثل الاطفال الذين يتعرضون لعنف أسري في صغرهم، وعندما يكبرون يصبح لديهم مشاكل في الثقة وعدم القدرة على تشكيل علاقات مع الناس.
الإزاحة: وهي أن تحول غضبك من شخص إلى أخر، لنفرض أن مديرك بالعمل سبب لك الغضب الشديد فتذهب وتفرغ غضبك على أفراد عائلتك أو حيوانك الأليف

ولكن في العلاقات العاطفية تتشكل العلاقات السامة  بسبب إحساس الضحية بالضعف والحاجة للشخص المسيء لأنها تعتقد بأنها لا تستطيع مواجهة الحياة بدون هذا الشخص الذي سبب الأذية، وأحياناً تعتقد الضحية أنه إذا استطاع المسيء أذيتها فإنه سوف يستطيع حمايتها، لذلك يصعب عليهم جداً قطع تلك العلاقة لأنهم يعتقدون أن الإكمال في هذه العلاقة هو الحل الوحيد للتعايش.


في المختصر تتكون ردات الفعل غريبة لأننا لا نستطيع تفسيرها فهي تتشكل فقط لحمايتنا بشكل مباشر أو غير مباشر والسبب هو الغرائز، لذلك يجب علينا فهم دماغنا والطريقة التي يعمل بها لتبرير كل الأفعال التي تبدر منا.

أرشيف المدونة

إتصل بنا

إرسال